سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة
 

سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة

والمندوبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية

آخر تحديث بتاريخ 16/5/2024 --- الساعة 8:45:26 ص

بحث عام

menu

 

المفكرة الثقافية لـ - May 2024

المفكرة

<< >>
     1  2  3  4
 5  6  7  8  9  10  11
 12  13  14  15  16  17  18
 19  20  21  22  23  24  25
 26  27  28  29  30  31 

 

    * المركز الثقافي اليمني > أنشطة

ارسل لصديق اطبع هذه الصفحة

تكريم القصيدة الفلسطينية في ليالي الإبداع


- في أمسية أدبية هي الأولى ضمن نشاطات المركز الثقافي اليمني بالقاهرة في ما يسمى بـ ( ليالي الإبداع العربية ) والتي يستضيف فيها المركز الثقافي في كل شهر شخصية عربية كبيرة أسهمت ثقافيا وأدبيا واجتماعيا في مسيرة الحياة العربية المعاصرة بعطائها وتميزها في مشوارها الإبداعي كان اللقاء الإبداعي والتكريمي للشاعر العربي الفلسطيني الكبير هارون هاشم رشيد ، شاعر المخيم واللاجئين كما يصفه عدد من النقاد ، بدأت الأمسية في حضور يمني وعربي من فلسطين وسوريا وليبيا ومصر ، وكان استهلال اللقاء الذي قدمه وأداره الشاعر اليمني إبراهيم أبو طالب بقوله : إنه كثيرا ما تتلازم الأسماء والدوال بمسمياتها ومدلولاتها في علاقة وشائجية وتوليدية فحين تذكر اليمن تتدفق في شرايينا حضارتها وسدودها ، و "الإيمان يمان والحكمة يمانية"، وحين تذكر مصر يجري فينا نيلها وعذوبتها ، وحين تذكر فلسطين والثورة والمقاومة يذكر معها الشاعر هارون هاشم رشيد مغني الثورة واللاجئين ، وحامل بيرق النضال والجمال والحرية ، عاش ألم المشردين وذاق مرارة الاغتراب ووحشته ، وسكنته هموم وطنه ، وسافر كالسندباد في كل مكان ولكنه كان في كل فضاء يحمل في وجدانه الجريح وطنه المجروح ، ويدق بقصائده الأجراس حتى ينتبه الغافلون :

فيصحو على شعري السادرون ... ويستيقظ النفر النوَّمُ


- فشعره في مجمله شهادة عصر وحياة قضية ، يستلهم مادته من تحولات فلسطين وآهاتها ومساراتها ، همه الوطن ، ولغته الوطن ، وغايته الوطن ، فلسطين لا غير محبوبته ومعشوقته عبر رحلة الكلمة ومسيرة الشعر ، ليس لديه من الوقت ما يضيعه في إشكالية الحداثة واللغة الغامضة ، فقضيته الواضحة لا تحتاج إلى الإبهام ،وصراع القديم والجديد في الشعر لا يهمه ، فالشعر لديه نبض واضح مؤثر ، ورسالة جلية ، غنّى للوطن لترابه وحقوله لسمائه ومائه وإنسانه ، نادى أمته – وما زال - أن تنهض ، وتهب لنجدة محبوبته فلسطين وهي في انتظارها ( كبينلوب في أوديسة هوميروس تنتظر المخلِّص ) ؛
هي لا تزال حبيبتي العذراء .. تحلم .. تنتظر


لا قيمة لديه للإنسان بلا وطن حر :
ما قيمة العيش والأوطان ضائعةٌ ... يعدو على قدسها الباغي ويغتصبُ


وهو يرقبها دون نفاد صبر :
تظل العين شاخصة إليك وليس تنتقلُ
فتلمحُ كيف من ليل الخرائب يشرق الأملُ


لم يفقد الأمل للحظة واحدة فهو زاده، وهو المقاتل بالقصيدة، وحين نسأله لماذا الشعر ؟! يرد:
لأن الشعر يدفعنا إلى أوطاننا صفَّا
ويبقينا على العهد الذي لا يعرفُ الخوفا

يصرخ في العرب صرخته التي تُسْمعُ من به صَـممُ :
صمدنا في انتظاركمُ وما زلنا وننتظرُ
هنا امرأة تشق الثوبَ صارخةً وتنفجرُ
أما من نخوةٍ فيكم تضجُّ بكم وتبتدر
هنا طفلٌ نما في الشوك لا فرح ولا سمر
ولا علم ولا زاد ولا ماءٌ ولا ثمر

صورة قاتمة ونداء موجع ، وهو يعرف بنفسه في كل لقاء قائلا :
أنا ماذا أكون بلا اسمي فلسطيني
بلا وطن أعيش له وأحميه ويحميني

- وبعد الترحيب بالشاعر الكبير بدأ في قراءة قصائده المحلقة في الوجدان مستهلا بقوله : لقد أعفاني الأستاذ إبراهيم من حيرة الاختيار لقصائدي حين قال فلسطيني ، نعم أنا فلسطيني وشعري لفلسطين ولكل جرح عربي ، ثم بدأ بقراءة عدد من قصائده التي تقطر عذوبة وألما ، وقد أخذت الأمسية طابع الحوار والمداخلات حيث لم تتوقف لدى قراءة الشعر وحده ، بل تخللها استقراء في ذاكرة الشاعر في سؤاله عن قصة ديوانه الأول ( مع الغرباء ) 1954م والصورة التي استقرت في ذاكرة الشاعر ولم تبرح مخيلته في صحو أو منام عن مشهد اللاجئين وهم ينقلون عبر البحر ، وكيف تركت صور الأطفال الحيارى والأمهات المفجوعات والأباء الذين لا يملكون من أمرهم إلا الحزن والعجز كيف ترك كل ذلك بصماته في مخيلة الشاعر ورؤيته ، فانطلقت ثورة الكلمة في شعره واصفة كل ذلك البؤس والفجيعة والحزن ، وقد قرأ الشاعر من الذاكرة عددا من قصائده في هذا الديوان وما تلاه من دواوين أخرى ، وحول علاقة الشعر بالمكان التي هي علاقة وجود وانتماء عند بعض الشعراء - وهو أحدهم - ، أو علاقة اغتراب وانفصال حتى وإن كان مقيمًا فيه عند البعض الآخر نلمس تلك الحميمية والتماهي مع المكان وبه في شعر هارون هاشم رشيد من خلال التكريس للمكان في شعره فما من بقعة على الأرض الفلسطينية إلا ونجد لها في شعره ظلا ، وليس أدل على ذلك من أنه قد أفرد في دواوينه التي تزيد عن العشرين ديوانا لكل مدينة منها ديوان ، فللقدس ديوان، ومثله لغزة ، وآخر ليافا وهكذا .

- ومع كلمات الشاعر القوية كانت هنالك فيروز حاضرة بأنغامها الملائكية الرائعة حيث استمع الحاضرون إلى أغنية ( سنرجع يوما إلى حينا ) كلمات الشاعر هارون هاشم رشيد ، وهي إحدى الأغاني المؤثرة التي غنتها فيروز للشاعر مع عدد آخر من قصائده التي صيغت من الضوء والحزن والأمل :
سنرجع خبرني العندليب ... غداة التقينا على منحنى
بأن البلابل لمَّا تزل ... هناك تعيش بأشعارنا
وما زال بين تلال الحنين ... وناس الحنين مكان لنا
فيا قلبُ كم شردتنا رياح ... تعال سنرجعُ هيا بنا

- ثم تحدث الشاعر عن القصة / القصيدة " راشيل كوري " الفتاة الإمريكية التي قتلتها الجرافة الصهيونية وهي ترفض أن يُهدم بيت فلسطيني فوقفت شامخة لتقول لا للظلم ، وتبذل روحها فداء لمبدأ العدل وحقوق الإنسان ، وكيف أن هذه الفتاة الآنسة ( 24 عاما ) قد جسدت الإنسانية بكل معانيها الكريمة المناهضة للآلة الإسرائيلية الظالمة ، " راشيل كوري " تتبع الشاعر قصتها وحياتها ، فحولها من قصيدة كتبها على إثر حادث الموت إلى رواية كاملة صدرت عن دار الشروق وهي في طريقها للسينما والتلفزيون لتروي بالوثائق حياة تلك الشهيدة الأمريكية من أجل فلسطين .

- قرأ الشاعر عددا من قصائده أشعلت وجدان الحضور بعوالمها المدهشة لغةً وفكرا وقضية ، كما تحدث الشاعر عن غضب القصيدة ومتى يغضب بالكلمة ولها ؟ ، وهو العربي والعروبي الذي لم يفقد الأمل في أمته العربية والإسلامية وإن غضب منها مرة أو مرات فإنما ذلك غضب الذي يستنهض عروق الكرامة التي كادت تجف ولكنها – في تقديره - لم تنضب ، وسيظل يغني ويعزف على آهاتها حتى تستفيق ، وبعد تطواف القصيدة يأتي التكريم الذي هو تكريم لمسيرة أدبية عظيمة ولموقف الكلمة التي لا تقل نفاذا عن الرصاصة في تحرير الأوطان ، والانعتاق من الظلم والقهر ، وحين يكرم المركز الثقافي اليمني الشاعر هارون هاشم رشيد إنما يكرم مسيرة الإبداع وكل ذرة من التراب الفلسطيني الغالي وذلك في طريق العودة التي لطالما تغنى بها ولها الشاعر ، وغدا سيغنيها معه كل بطل مؤمن بأن الحق لا يضيع وكأننا جميعا نسمع وقع النصر وخطاه حين نضع الراية كما قال الشاعر :
يا راية الشوق حطي هاهنا انغرسي ... فقد وصلنا هنا أمٌّ لنا وأب

- قام بتكريم الشاعر الأستاذ خالد عمر بتقديم درع المركز الثقافي ، كما ألقى كلمة بليغة أثنى فيها على الشاعر ومكانته الأدبية ودوره النضالي ، كما شاركه التكريم الأستاذ محمد نوري القنصل العام بالسفارة اليمنية بالقاهرة

- ثم كانت الكلمة الأخيرة للشعر حيث ألقى الشاعر معلقته الرائعة ( صرخة القدس ) . لتكون مسكا عابقا في ليلة الإبداع العربية .

 أعلى


 

 
 

سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة

                            جميع الحقوق محفوظة لموقع سفارة اليمن بالقاهرة والمندوبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية 2010