سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة
 

سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة

والمندوبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية

آخر تحديث بتاريخ 8/5/2024 --- الساعة 19:45:11 م

بحث عام

menu

 

المفكرة الثقافية لـ - May 2024

المفكرة

<< >>
     1  2  3  4
 5  6  7  8  9  10  11
 12  13  14  15  16  17  18
 19  20  21  22  23  24  25
 26  27  28  29  30  31 

 

 

 


 ما بعد الرحيل

 

ما بعد الرحيل

بقلم: د. أبوبكر القربي وزير الخارجية


بعد أيام الحزن العميق التي عاشها أبناء اليمن لوفاة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي برحيله نفتقد مناضلاً وطنياً جسوراً ورمزاً من رموز الوحدة الوطنية والمواقف المبدئية الثابتة، والرجل العقلاني الرزين الذي عمل دائماً على تحقيق الوفاق ورأب الصدع والسمو فوق المفاهيم الصغيرة، والولاءات الضيقة وما تلك المشاعر الصادقة التي عبر عنها كل أبناء اليمن ومن مختلف مناطقه إلا تؤكد على وحدة الشعب اليمني في مواجهة اللحظات الصعبة وبان الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر -رحمه الله- بنظرته الثاقبة والبعيدة المدى استطاع ان يتجاوز الحدود المناطقية والقبلية والانتماء الحزبي ليكون مرجعية للجميع حاضراً في اوقات الشدائد والازمات. وكم كان رائعاً ان نقرأ ونسمع عن فيض المشاعر النبيلة التي عبرت عنها القيادة السياسية والاحزاب بمختلف توجهاتها وكافة فئات الشعب اليمني والتي لا أشك انها كلها مشاعر صادقة نابعة من القلب امتزجت بمرارة الفقدان للشيخ عبدالله -رحمة الله عليه-.
لكن بعد أيام العزاء واستعراض مناقب الفقيد الراحل يبقى السؤال الهام كيف يكون الوفاء الحقيقي لهذا الرجل؟
من معرفتي الشخصية به لا اعتقد انه من اولئك المفتونين بانفسهم وبالحديث عن انجازاتهم ومواقفهم ولكن بما يعنيه كل ذلك إلى المتحدثين والكتاب في الاقتداء به وبكل ما كان عزيزاً عليه وضحى من اجله ولا اتصور ان هناك شيئاً كان اقرب الى وجدانه وضميره من حب اليمن والحرص على وحدته والعمل من اجل امنه واستقراره وتحقيق مصالحه العليا، ان الوفاء الحقيقي للشيخ عبدالله ليس فقط في الاشادة به او ذرف الدموع الماً على فقدانه ولكن في التمسك بالمواقف والمبادئ التي نذر حياته من اجلها والمتمثلة في الحفاظ على الثورة اليمنية ومبادئها والوحدة اليمنية والديمقراطية والتنمية.
لقد عاش الفقيد الراحل -رحمه الله- ايامه الاخيرة وسمعت ذلك منه شخصياً عندما زرته اثناء رحلة العلاج في المملكة العربية السعودية يحمل هم وطنه ومايجري من احداث مفتعلة لخلق الاحتقانات في الساحة الوطنية ويشعر بالمعاناة نتيجة لذلك ربما اكثر من معاناته من مرضه القاتل، كان يتألم وهو يسمع عما يقوم به البعض من تصرفات غير مسئولة وتأجيج للمشاعر وإثارة للخلافات بدلاً من حلها وكيف يسعى هذا البعض الى تشويه صورة الوحدة اليمنية وهي اعظم منجز وطني وقومي بريء من أخطاء أولئك الذين يذرفون دموع التماسيح على عهود التمزق والتشطير وممارساته وكيف يتداعى البعض ايضاً لإثارة الكراهية والبغضاء في المجتمع بدلاً من نشر المحبة والعمل على تصحيح الاخطاء والحفاظ على مستقبل واستقرار اليمن والتمسك بوحدته.
لست بصدد تدبيج بيان تأبيني للشيخ عبدالله بن حسين الأحمر اسكنه الله فسيح جناته فهناك من هو اقدر على التعبير عن الحزن والأسى لفقدانه والفراغ الكبير الذي سيتركه لدى من يعرفون قيمة هذا الرجل الوطني صاحب العقل الراجح ولكني رأيت ان انبه بعد تجاوزنا فترة الحزن على رحيله الى ضرورة ادراك اهمية الوفاء لما احببناه في الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر -رحمه الله- من صفات وقيم طيبة والاقتداء بمواقفه الوطنية والانسانية اذا كان حرصنا على اليمن يقترب من مستوى حرصه عليها، وهذه مسئولية تقع بالدرجة الاولى على عاتق ابنائه وافراد اسرته الذين عليهم ان يتاسوا بسيرة والدهم وان يواصلوا السير على دربه وبحيث يجعلوا من سيرته الطيبة نبراساً لهم في حياتهم وفي رؤيتهم للامور وادراكهم لحقائق الواقع وما يلزمه من واجبات ومسؤوليات وطنية على الجميع، وتقع ايضاً على كل من احب شخص الشيخ عبدالله الذي يفتقد اليمن واحداً من حكمائه ورجاله العقلاء المخلصين.
واذا كان تعاملنا مع أزماتنا وخلافاتنا بالحكمة والحصافة التي تعامل الفقيد الراحل بها فاننا لا شك قادرون على اشاعة روح الوئام والاستقرار وتعزيز الوحدة الوطنية والمضي بوطننا اليمني الى بر الأمان وشواطئ السلامة.

 


 
 
 

سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة

                            جميع الحقوق محفوظة لموقع سفارة اليمن بالقاهرة والمندوبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية 2010